الاثنين، 22 سبتمبر 2008

الى عمتي الراحلة ام سعود

لماذا لم انساك !!
كانت الساعه الرابعه مساء
لقد استيقضت للتو من النوم
يا الله
لقد تأخرت
الم يكن من الاجدر ان لا اتأخر عن موعد الزيارة
كان من الواجب ان اذهب قبل هذا الوقت
كنت في عمل اجبرني ان اسهر حتى وقت متأخر
كان ذلك خارج المدينه ولم اصل للمنزل الا الساعه الثالثه صباحا
نمت كالطفل بلا وعي
المنزل خالي عائلتي سافروا لكويت
المهم الآن لابد ان اغتسل وبسرعه لكي لا اتأخر عن عمتي
فهي منومه في المستشفى من ثلاثة أيام
يقول ابناء عمتي انها تعبت
واصابها المرض
تحتاج فقط فترة ليست بالطويله ومن ثم تخرج بالسلامه
يا لحماقتي
كيف اصدق تلك الروايه
عندما زرتها قبل يومين
رأيت في عيني من اخبرني انها نائمه
حزنا لم اعهده
ليس هذا المهم لابد ان اتحرك بسرعه
لكي لا اجد حجج الآن ليس وقت نوم
ولا بد ان اليزيارة بدأت ولا بد ايضا ان ادخل بأي وسيلة
حتى لو كانت الغرفة مكتظه النساء
فأنا احبها حبا جما
ولن اسمح لأخي مخلوق ان يتحجج لي بأي مبررات
انها عمتي وليس الامر واجب فقط
بل لأني احبها كثيرا
عندما ابصرت النور
سميت اياد
لم يعجبها هذا الاسم كثيرا
ربما انها كرهته
في المقابل احبتني انا
كنت متهما لدى الجميع أني اقرب لها من اولادها ليس ذلك فقط بل من احفادها ايضا ...
ولم اكثرث بهم انا اراها نجم ساطع يلهمني الكثير
كانت تعشق البر
احببت البر معها
تحب الاطفال
احببت الاطفال معها
مهما فعلت كان بالنسبة لي امرا لا جدال فيه
ازورها كثيرا
احيانا ابقى بالايام
توقضني من نومي
لكي افطر معها
اسمع تلك القصص التي تقصها لي
احيانا لا افهم ما تقول
لكن
اكتفي بإبتسامتها
لأنها تغني عن اي قصه
كنت ابتسم معها
هنا تقف قصتها لتعلق اني لم افهم أي شي
لكن ما تعلمه جيدا
اني احبها
بعد ذلك نذهب للتنزة في البر
وتعلمني كيف اعرف مكان ( الفقع )
وعندما تخرج اي منه من باطن الارض
تعطيني اياه
وكنت ارميه في الهواء
والتقطه قبل ان يصل للأرض
تنبهني ان لا افعل ذلك
لأنه سوف يقع مني
ومن ثم يسقط على الارض كما قالت
ينكسر !!
وما هي الا لحظات وتعطيني الاخرى
لأستمر في لعبي وطفولتي وبراءتي
كانت تلك الذكريات كلها تمر كالشريط امامي
وعندما يتم تنويمها بالمستشفى
احرص كثير على ان اكون اول من يزورها
لانها عندما ادخل لزيارتها
تبتسم مهما كان الالم
كنت شغلها الشاغل
وكل حديثها
متى تتزوج يا اياد
انت كبرت يا اياد
البنات يبونك يا اياد
حتى انه فيه احد زياراتي
طلبت مني مصارحتها ان كنت اعرف فتيات وهل هذا سبب عزوفي عن الزواج
انكرت ذلك جملة وتفصيلا
شخصية قوية للآخرين
كريمه محبوبه
توقفت هنا لكي البس ثوبي
وشماغي
وان اظهر بالصوره اللائقه التي تليق بمقامها
نظرت لهاتفي الجوال
يا الله
عشرات الاتصالات من والدي
اللهم اجعله خير
سم
اذا بوالدي يطلب مني فتح مجالس المنزل
خير يبه ؟
عمتك ام سعود تعبانه
يا الهي
توفت ؟
توفت الصباح يا اياد واتصلت عليك اكثر من مره ولكن ما رديت
صلوا عليها العصر والعزى في بيتنا
( افتح المجالس بسرعه )
ذهبت مسرعا للمجالس فتحت الأبواب
اشعلت الانوار
توافد الناس
العشرات
المئات
هناك من يبتسم وهناك من يضحك
وهناك من يعصف به الحزن
ما هذا !!
مرت الساعه تلو الاخرى وانا لم ابدي شيء
وصل والدي عزيته
وكأنه كان يريد ان يقول شيئا
اكتفى بالصمت
لطالما كان حكيما
عرف اني لم استوعب ما حدث
خرجت انظر لفناء المنزل
في مكان كانت تقف فيه
تتحدث عن شجرة التين هناك
وتلك الورود الموجوده هنا
الله يرحمها
في تلك اللحظات لم اتمالك نفسي ابدا
ذهب للجانب الآخر من المنزل اجهشت بالبكاء كالاطفال
يا الله ماتت !!
لقد علمتني كيف احبها
ولم اصلي عليها
ذهبت وتركتني
اصبت بحاله من اللاوعي
اتصلت بهاتفها
لو استوعب ما يحدث
لا اريد تصديق ما يحدث
كرهت نفسي وكرهت الناس
لم تذق عيناي طعم النوم في تلك الليله
كانت اشبه بالجحيم
حاولت اقناع نفسي ان هذا الحزن العابر
لا بد ان يندثر
وتأتي ذكرى جديد وتعصف بي مره اخرى
دموعي كانت تترجم ما يجول في قلبي
اليوم الثاني والثالث
انتهى العزاء
لم استطع ان انسى
اظهر للآخرين قوة بأسي
بينما انا محطم من الداخل
بدأت اتردد على قبرها
اقف عليه كل يوم
تحدثت مع من اخبرني انها نائمه
ولمته لماذا لم يسمح لي بزيارتها
اخبرني انها كانت تتألم
ولم ترد ان اراها بهذا الوضع
يا الله ارحمني
ليته لم يخبرني بذلك
لا اعلم كيف اصل اليها
ولماذا لا تخبرني اين هي الآن
هل الحقيقه ان كل شيء انتهى ؟
من سيخبرني تلك القصص
من يلح علي ان اتزوج ؟
من سيتركني القي ما بيدي في الهواء
اين ذهبت
ولماذا لم انساها
زراتني في حلمي
طلبت مني ان لا اتألم
طلبت منها ان تعود .. توسلت ان تعود لدقيقه فقط
ضاقت بي السبل
او تملأ يداي بأي شيء ارميه في الهواء ..
لم ترد ,, ذهبت
طلبت ان لا اتألم
لكن من سيعوضني ؟
وفت على قبرها عشرات المرات
تمنيت ان ادفن بجانبها
ربما افيق من النوم .. اجد فطوري .. وربما تقول لي قصه ..
وحتى لو لم افهم .. يكفي انها تبتسم :)
الله يرحمك يا عمتي
ويسكنك جنات النعيم
ما قدرت انساك
ولا راح انساك
محبّك
ذاك الطفل الصغير
اياد