الأحد، 2 مايو 2010

"وجعلنا من الماء كل شيء حي"


بسم الله الرحمن الرحيم

انتقلت لمدينة الخبر قادما من الدمام قبل حوالي عشرة سنوات

سكنت في حي يعتبر من ارقى احياء الخبر وكان الامر بدون اي تخطيط ولكن الله عز وجل هو من شاء ان يكون هذا منزلنا وفي هذا المكان بالذات

كنت في منزلنا بالدمام عندما تلقيت خبر شراء المنزل وفي هذا الحي بالذات عندها خرجت ونظرت الى ( العبرية ) المسماه بالسدرة او الكنار عند اهالي المنقطة الشرقية وشاهدت تلك العصافير السوداء الملوثه من تلوث الجو وتخيلت اني في بيتي بالحي الجديد واستبدلت في مخيلتي هذا العصفر بطير حسون او هدهد ملون يغرد ويزقزق ويدهل البهجة في قلبي

وخرجت عند باب المنزل واذا بعزبة الاخوة اليمنيين امامنا وكان احدهم يتحدث بهاتفه الجوال يتطمن على اهله واحبابة هناك والحقيقه لا افهم من حديثه سوى 10 % وبادرته السلام من بعيد بالايماء باليد ورد هو وفي هذه الاثناء تخيلت منزلنا الجديد في الخبر واستبدلت صديقنا ابويمن ببنت الجيران التي تمارس الرياضه بعد العصر وفي اذنيها الهيد فون وتقول لي هااااااي دودي ..

بعد ذلك وقعت عيني على مرسي وهو المرسيدس الذي كنت اقتنيه في تلك الايام وهو موديل 91 اشتريته من الوكالة عندما كنت في الثانوية وقد كان لونه رمادي غامق ولكن مع عوامل ملوحة المالح لدينا اصبح لونه اشهب

اللون الاشهب لا يتوقف عندي هيكل مرسي لا ابدا اللون الاشهب منظر معتاد اشاهده يوميا وبصفة مستمرة

الحوش اشهب

الجدار اشهب

المغسلة شهبا

المراية شهبا

الصحن اشهب

الباب اشهب

انا اشهب


عدت مره اخرى لفناء المنزل ونظرت الى الحنفية ( البزبوز ) واذا بالملح يغطي فوهتها وهذا امر اعتدت عليه واصبحت الاملاح التي تحيط وتكبر حول فوهة الحنفية جزء من الحنفية اساسا حتى اني اعتقد ان الحنفية الجديده تأتي بهذا الشكل ولكن عندما اصاب الصدأ السباكة في منزلنا قمت بشراء حنفيات جديده لأكتشف ان تلك الاملاح تتشكل بفعل ملوحة الماء ..


تذكرت الحي الجديد وقلت هذا حي راقي ولابد ان الماء هناك حالي فهم علية القوم ولا يمكن ان يكون الماء هناك الا حالي بل حالي جدا ولربما لن نضطر الى شراء سكر للشاهي فنسبة الحلاوة في الماء تكفي ..

ايه ما علينا ..


لم يتبقى الا عدة ايام وننتقل للحي الجديد الحي ابوموية حالية كان هذا اهم شيء بالنسبة لي ولم يكن رقي الموقع ولا بنت الجيران التي تقول لي هااي ولا العصافير مهمه ابدا .. الماااااء الماااء الحالي فقط ..

بدأت في تأمل الاحباب في الحارة وقد كانت الصلعة احد العلامات الفارقة للجيران والاحباب والاصدقاء

وعندما يقول لي اي منهم ان شعرة كان غزيرا قبل السكن في الدمام كنت اصدقه ولا اعتبرة مبالغا لو قال لي أن الشعر كان ينبت في لسانه او في عينيه لأن الصلع سمه غالبه لدى الجميع والاكيد ان السبب هو الماء ..

الغريب في الأمر ان الماء المالح الذي نستحم فيه لا يكتفي بالتسبب في الصلع وتساقط الشعر لكن العجيب فعلا انه له تركيب كيميائي يجعل هذا الشعر ينبت في الظهر وانا اشكر التحلية على اسهامها في عودة الانسان الأول وتأكيد نظرية سيجموند فرويد ..

كان هناك ملعب اسمه ( ملعب الزيت ) في الدمام كنت اذهب واشاهد فيه مباريات الحواري بين الحين والآخر وكانت المنافسة غالبا بين فريق حارتنا الذي كنت العب فيه ولكن الاصابة ابعدتني عن الملاعب والفريق الآخر فريق حارة الكهرب وهم سمر البشرة

لا ابالغ ان قلت ان 80 % من المتواجدين صلعان وكانت الشمس في العصر قوية وكنت اشاهد لمعان عجيب في الفريقين ..

اذا جاءت هجمه لفريق حارتنا فكأنك في سوق الخضار وتشاهد كرتون جراوة ( شمام )

واذا جاءت هجمة للفريق حي الكهرب فأنت في نفس السوق ولكن وقعت عينك على كرتون باذنجان



وانا اعرف ان السبب هو الماء


حان وقت الرحيل وذهبنا للحي الجديد في المدينة التي تحتضن في كبدها محطة التحلية لأتفاجأ ان الماء مالح بل اشد ملوحة من الدمام ... يا الهي ما هذا .. وش ذا


من عشر سنوات وانا اتصل بالتحلية وكانو يقولون ان الماء الحالي سيصل لكم في القريب العاجل .. ولن يتعدى ذلك ستة اشهر .. الا اننا ندخل السنة العاشرة على التوالي دون جدوى ..

المحطة تبعد عن منزلنا 5 الى 6 كيلو مترات ولكن يفصلنا عنها الظلم والقهر واللامنطق ..

الماء المحلى يصدر للرياض للأسف الشديد سواء من محطة الخبر او محطة الجبيل الماء يتم تحليته ليخدم 5 مليون مواطن بينما لا يمكن توفيرة لمدينة مثل الخبر التي تحتضن المحطه والتي حصلت على ثاني اجمل مدينة الا ان الماء فيها مالح ..

حاولت مراسلة المؤسسة العامة لتحلية المياء قبل ان اكتب موضوع قبل لحظات ولكن اتضح لي ان المراسلة لديهم غير نشطة ..
الى الاحباب في مدينة الرياض .. اللهم لا حسد .. غسلوا سياراتكم بالموية الحلوة وحنا بنغسل جلودنا بالموية المالحه ..

كلنا فداء للرياض ...

المضحك في الموضوع اننا ندفع رسوم ماء حالي



ليست هناك تعليقات: